خطورة مذهب الأشاعرة في الإيمان
وانظر كيف تهافت كلامهم عندما ينقل عن شرح المواقف فيقول: (إن السجود للصنم بالاختيار يدل بظاهره على أنه ليس بمصدق)؛ فلو وجد صنم يعبده المشركون، ووجد مجموعة من الناس يسجدون لهذا الصنم ويعبدونه؛ فـأهل السنة والجماعة يحكمون بأنهم مشركون كفار، والمرجئة يقولون: (أما في الظاهر فهو مشرك)، فالعمل شرك، والعمل كفر في الظاهر، يقول: (ونحن نحكم بالظاهر؛ فلذلك حكمنا بعدم إيمانه؛ حتى لو علم أنه لم يسجد له على سبيل التعظيم، واعتقاد الألوهية، بل سجد له وقلبه مطمئن بالإيمان؛ لم يحكم بكفر فيما بينه وبين الله عز وجل).فنقول لهم: وهل يمكن أن يسجد للصنم اختياراً وقلبه مطمئن بالإيمان؟ ومن هنا تناقض المرجئة ، ومن هنا نعرف خطر مذهبهم، ولذلك تعد معرفة هذه الأمور ضرورية وأساسية، فلو ذهبت تدعو إلى الله في أي بلد ورأيت الأعمال الكفرية: من عبادة غير الله، ومن دعاء غير الله، والذبح له، والاستغاثة به، ورأيت أيضاً الحكم بغير ما أنزل الله، واتباع الشرائع المحرفة، أو الشرائع الوضعية التي يتحاكمون إليها وغير ذلك؛ فإنك تختلف أنت وهم في الحكم على هذه الأمور، وسبب الاختلاف الحقيقي: هو أن الإيمان عندك غير الإيمان عندهم، فهذه قضايا مهمة جداً، فينبغي أن تعرف لماذا هم يرون أن هذه الأمور لا تنافي التوحيد.هذا عند من يوافقك على أنها شرك، وأما الذي يقول لك: ليست بشرك، وهذا مجرد توسل؛ فهذا أدهى وأمر، لكن حتى الذي يقول: هذا كفر؛ فإنه يقول لك: لم يكفر الرجل، فيسجد للصنم باختياره، ومع ذلك يمكن أن يكون في الباطن مؤمناً كامل الإيمان، فيكون قلبه مطمئناً بالإيمان. إذاً: فليس عندهم ما أصله وقرره أهل السنة والجماعة من أن الباطن والظاهر متلازمان ومترابطان، وهما شيء واحد؛ فمن المستحيل أن يكفر الإنسان ظاهراً باختياره ويكون قلبه مؤمناً باطناً أبداً، وهذا يكون في حالة الإكراه، فيأتي بالحركات ظاهراً ولكنه مؤمن باطناً، وهذا كما ذكر الله تعالى: (( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ))[النحل:106]. وحالة النفاق عكس ذلك: أن يظهر الإيمان ظاهراً لكنه في الباطن كافر، فهذه ليس فيها خلاف، لكن نريد أن نبين أنه يمكن أنه يوجد الإيمان الظاهر مع خلو القلب، ولا يمكن عند أهل السنة والجماعة أن يوجد إيمان باطن مع خلو الظاهر من الإيمان؛ لا يمكن هذا، فلا بد أن يظهر، فحتى المنكر بقلبه لا بد أن يظهر عليه غضب، وألم، وتأثر، والكلام هنا ليس في حالة عارضة، أو في شعبة من شعب الإيمان، وإنما الكلام في الإيمان جملة.